في خضم التوترات التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، عاد تطبيق “تيك توك” إلى الواجهة، لكن هذه المرة كورقة تفاوضية من نوع خاص. فقد أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن استعداده لمنح الصين تخفيضات في الرسوم الجمركية إذا وافقت على بيع أنشطة “تيك توك” داخل الولايات المتحدة. خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاقتصادية، لا سيما أن الصين قابلت العرض بالرفض.
في هذا المقال، نسلط الضوء على خلفية الأزمة، أبعاد العرض الأمريكي، ردود الفعل الصينية، وتأثير هذه الصفقة المحتملة على العلاقات الاقتصادية بين البلدين. كما نستعرض الخيارات المطروحة أمام شركة “بايت دانس”، والمخاوف الأمنية التي تثيرها واشنطن بشأن التطبيق.
ما هو تطبيق “تيك توك” ولماذا يشكل مصدر قلق؟
“تيك توك” هو تطبيق لمشاركة الفيديوهات القصيرة، حظي بشعبية هائلة في الولايات المتحدة، وبلغ عدد مستخدميه أكثر من 170 مليون مستخدم. التطبيق مملوك لشركة “بايت دانس” الصينية، ما أثار مخاوف متكررة من احتمالية استغلاله من قبل الحكومة الصينية لجمع بيانات الأمريكيين أو التأثير في الرأي العام، خاصة في فترات الانتخابات.
وزارة العدل الأمريكية والمشرعون في الكونغرس حذروا مراراً من مخاطره الأمنية، ودفعوا باتجاه فرض قيود على نشاطه أو حتى حظره ما لم يتم بيع فرعه الأمريكي لشركة محلية.
خلفية قانون البيع الأمريكي والمهلة المحددة
في خطوة تصعيدية، وقّع الرئيس جو بايدن قانونًا يُلزم شركة “بايت دانس” ببيع عمليات “تيك توك” في الولايات المتحدة بحلول 5 أبريل 2025، أو مواجهة حظر التطبيق على الأراضي الأمريكية. هذه المهلة جاءت وسط جدال متصاعد حول الأمن القومي وحرية التعبير.
ورغم الضغوطات السياسية، أبدت إدارة ترامب نوعاً من الليونة، حيث صرح ترامب خلال مؤتمر صحفي: “قد أمنحهم تخفيضًا جمركيًا بسيطًا لإنجاز الصفقة”، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات جديدة تتداخل فيها السياسة بالتجارة.
العرض الأمريكي: تخفيض جمركي مقابل البيع
الرئيس ترامب استخدم الرسوم الجمركية، التي شكلت إحدى أبرز أدواته في الضغط على الصين خلال فترته الرئاسية، كوسيلة جديدة لحل أزمة “تيك توك”.
تصريحه في 26 مارس 2025 أشار إلى أنه “لا يمانع منح الصين تخفيضاً ضئيلاً في الرسوم الجمركية لتشجيعها على إتمام صفقة البيع”. هذا الطرح أثار انتقادات من سياسيين أمريكيين اعتبروا أنه “ابتزاز اقتصادي” يربط بين ملف تجاري وآخر أمني.
موقف الصين: لا مقايضة على السيادة التقنية
الرد الصيني جاء حاسماً، إذ أعلنت وزارة التجارة الصينية رفضها لأي ربط بين التنازلات الجمركية وبيع “تيك توك”. ووصفت العرض بأنه “ابتزاز لا يمكن قبوله”، مؤكدة أن بيع الشركة سيكون قرارًا استثماريًا بحتًا يخضع لقوانين السوق وليس لضغوط سياسية.
صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” نقلت عن مصادر حكومية أن بكين لن تسمح ببيع التكنولوجيا التي تمثل رمزية لنجاح الشركات الصينية بالخارج دون مراجعة أمنية دقيقة.
التداعيات المحتملة على العلاقات التجارية
إعادة استخدام “تيك توك” كورقة تفاوضية يزيد من تعقيد العلاقات الأمريكية الصينية، خصوصاً بعد تبادل فرض رسوم جمركية جديدة بين البلدين مطلع 2025.
الولايات المتحدة فرضت رسومًا بنسبة 20% على الواردات الصينية في فبراير، وردت الصين برسوم مضادة على المنتجات الزراعية الأمريكية. وفي هذا السياق، ربط ملف “تيك توك” بتخفيض الرسوم يفتح الباب أمام تصعيد جديد قد يؤثر على ملفات تجارية أخرى.
المشترون المحتملون وخيارات “بايت دانس”
وفقاً لوكالة رويترز، هناك اهتمام من شركات أمريكية كبرى ومجموعات استثمارية بشراء أنشطة “تيك توك” في الولايات المتحدة. من بين الأسماء المطروحة:
- مجموعة استثمار بقيادة شركة “سيربيروس”
- تحالف بين “مايكروسوفت” و”وول مارت”
- شركات رأس مال مغامر في وادي السيليكون
مع ذلك، تبقى الصفقة معقدة بسبب الحاجة لموافقة الجهات التنظيمية الأمريكية والصينية على حد سواء.
الخاتمة
أزمة “تيك توك” تكشف عن مدى تعقيد التداخل بين السياسة والأمن والتجارة في العلاقات الدولية. عرض ترامب بتخفيض الرسوم يعكس براجماتيته في إدارة الصفقات، لكنه يصطدم بثوابت الصين بشأن السيادة التقنية.
في ظل اقتراب موعد 5 أبريل، تترقب الأسواق والمستخدمون نتائج هذه المفاوضات، التي قد تحدد مستقبل أحد أشهر التطبيقات في العالم. فهل تنجح واشنطن في فرض بيع “تيك توك”، أم تُفشل بكين الصفقة وتُصعد المواجهة؟
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو سبب قلق الولايات المتحدة من “تيك توك”؟ تخشى من إمكانية استخدام التطبيق لجمع بيانات المستخدمين الأمريكيين أو التأثير على الرأي العام.
ما هي المهلة المحددة لبيع “تيك توك”؟ 5 أبريل 2025 هو الموعد النهائي وفقًا للقانون الأمريكي الجديد.
هل عرض ترامب رسمي؟ التصريح كان علنياً خلال مؤتمر صحفي، لكن لم يتم إقرار خطة رسمية حتى الآن.
ما هو موقف الصين؟ ترفض الصين مقايضة تخفيض الرسوم ببيع التطبيق وتعتبر القرار استثمارياً سيادياً.
من هم المشترون المحتملون؟ شركات أمريكية وتحالفات استثمارية مثل “سيربيروس” و”مايكروسوفت”.
المصادر
- https://www.reuters.com/technology/trump-says-he-may-give-china-reduction-tariffs-get-tiktok-deal-done-2025-03-26/
- https://www.aljazeera.net/tech/2025/3/27/ترامب-مستعد-لتسويات-جمركية-مع-الصين
- https://www.cnbcarabia.com/135996
- https://apnews.com/article/3bc8eef6fa75987c52bd86bab5eb6f05