مبادرة مليون موهبة في الذكاء الاصطناعي: تعزيز ريادة الإمارات في المستقبل الرقمي

مبادرة مليون موهبة في الذكاء الاصطناعي: تعزيز ريادة الإمارات في المستقبل الرقمي

في إطار رؤيتها الطموحة لتصبح عاصمة عالمية للذكاء الاصطناعي، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة مبادرة “مليون موهبة في الذكاء الاصطناعي” بالتعاون مع شركة مايكروسوفت، بهدف تمكين مليون موظف حكومي بمهارات الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2027. هذه المبادرة، التي أُعلن عنها خلال الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات 2024، تُعد جزءًا من استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031، التي تسعى إلى الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات. في هذا المقال، نستعرض أهداف المبادرة، آليات تنفيذها، تأثيرها على الاقتصاد الرقمي، ودورها في ترسيخ مكانة الإمارات كمركز عالمي للابتكار، مع التركيز على أهميتها في السياق العربي.


خلفية المبادرة: رؤية الإمارات للذكاء الاصطناعي

أطلقت الإمارات استراتيجية الذكاء الاصطناعي في أكتوبر 2017، لتكون الأولى من نوعها إقليميًا وعالميًا، بهدف تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071. تهدف الاستراتيجية إلى تحسين الأداء الحكومي، تسريع الإنجازات، وخلق بيئات عمل مبتكرة من خلال الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بنسبة 100% في الخدمات وتحليل البيانات بحلول 2031. ويُقدر حجم سوق الذكاء الاصطناعي في الإمارات بنحو 5.22 مليار دولار في 2024، مع توقعات بمساهمته بـ352 مليار درهم في الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030.

مبادرة “مليون موهبة في الذكاء الاصطناعي”، التي أُعلن عنها في نوفمبر 2024 خلال لقاء الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، مع براد سميث، نائب رئيس شركة مايكروسوفت، تُعد خطوة استراتيجية لتعزيز الكفاءات الوطنية وتوسيع تبني الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية.


أهداف المبادرة وآليات التنفيذ

تهدف المبادرة إلى:

  • تأهيل الكوادر الوطنية: تمكين مليون موظف حكومي بمهارات الذكاء الاصطناعي بحلول 2027، مما يعزز جاهزيتهم لمتطلبات المستقبل.
  • تعزيز الابتكار: تحفيز تطوير حلول ذكاء اصطناعي مبتكرة من خلال ورش عمل وتدريب عملي.
  • ترسيخ الريادة العالمية: جعل الإمارات مركزًا عالميًا للذكاء الاصطناعي من خلال بناء منظومة متكاملة تشمل البحث، التطوير، والتطبيق.

آليات التنفيذ تشمل:

  • الشراكة مع مايكروسوفت: تنظيم برامج تدريبية متخصصة تغطي أساسيات الذكاء الاصطناعي، التعلم الآلي، وتطبيقات عملية.
  • مسارات تدريبية متنوعة: تشمل مسار “رواد الذكاء الاصطناعي” الذي يستهدف الخبراء لتطوير حلول مبتكرة، مع فرص للتفاعل مع أحدث الابتكارات.
  • أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي: منصة لعرض التقدم، حيث التقى الشيخ حمدان بمنتسبي الدفعة الأولى في أبريل 2025.

تأثير المبادرة على الاقتصاد الرقمي

تُسهم المبادرة في تعزيز الاقتصاد الرقمي للإمارات من خلال:

  • خلق فرص عمل جديدة: من المتوقع أن يولد الذكاء الاصطناعي 97 مليون وظيفة عالميًا بحلول 2025، بما في ذلك وظائف مثل مدربي الذكاء الاصطناعي، وستستفيد الإمارات من هذا النمو.
  • تنويع الاقتصاد: يُعد الذكاء الاصطناعي محركًا للتنويع الاقتصادي، حيث يدعم قطاعات مثل الصحة، التعليم، والإعلام.
  • زيادة الإنتاجية: من خلال تحسين الكفاءة في الخدمات الحكومية وتحليل البيانات، مما يعزز تجربة المستخدمين والمتعاملين.

كما تدعم المبادرة مبادرات أخرى مثل “5 آلاف موهبة رقمية”، التي تستهدف تدريب 5000 طالب إماراتي على المهارات الرقمية بحلول 2029، مما يعزز الجاهزية الشاملة للشباب.


التحديات وكيفية مواجهتها

رغم التقدم، تواجه المبادرة تحديات مثل:

  • نقص الخبرات: على الرغم من الجهود، لا تزال هناك حاجة إلى خبراء متخصصين في الذكاء الاصطناعي.
  • التنظيم القانوني: تتطلب التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي قوانين صارمة لحماية الخصوصية والبيانات.
  • الموازنة الأخلاقية: ضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة، مع الالتزام بالقيم الاجتماعية.

تعالج الإمارات هذه التحديات من خلال:

  • إنشاء مراكز أبحاث مخصصة لتطوير خوارزميات متقدمة.
  • وضع ميثاق تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي لضمان الامتثال للمعايير الأخلاقية والقانونية.
  • استضافة مؤتمرات دولية لتعزيز الحوار العالمي حول حوكمة الذكاء الاصطناعي.

أهمية المبادرة في السياق العربي

في السياق العربي، تُعد المبادرة نموذجًا رائدًا يمكن للدول الأخرى الاستفادة منه. فمع تزايد الطلب على المهارات الرقمية، توفر الإمارات نموذجًا للاستثمار في رأس المال البشري. على سبيل المثال، أطلقت السعودية مبادرة “سماي” لتدريب مليون سعودي على الذكاء الاصطناعي، مستوحاة جزئيًا من تجربة الإمارات. كما يمكن لدول مثل مصر والأردن الاستفادة من هذا النموذج لتطوير كوادرها الشابة، خاصة في ظل ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب العربي.


مستقبل المبادرة: نحو ريادة عالمية

تتوقع التقارير أن يصل سوق الذكاء الاصطناعي عالميًا إلى 118.6 مليار دولار بحلول 2025، مع استثمارات شركات التكنولوجيا العملاقة بأكثر من 320 مليار دولار في نفس العام. وتسعى الإمارات للاستفادة من هذا النمو من خلال:

  • استقطاب الاستثمارات: جذب الشركات الناشئة والاستثمارات الأجنبية في مجال الذكاء الاصطناعي.
  • تطوير بنية تحتية رقمية: حيث تتصدر الإمارات العالم في تغطية شبكات الهاتف المحمول ونسبة مستخدمي الإنترنت.
  • تعزيز التعاون الدولي: من خلال مبادرات مثل القمة العالمية للحكومات، التي ناقشت حوكمة الذكاء الاصطناعي في 2018.

تُظهر المبادرة التزام الإمارات بتحويل الذكاء الاصطناعي إلى أداة لتحسين جودة الحياة، مع الحفاظ على القيم الإنسانية والأخلاقية.


الخاتمة

تُمثل مبادرة “مليون موهبة في الذكاء الاصطناعي” خطوة استراتيجية لتعزيز ريادة الإمارات في المستقبل الرقمي. من خلال تدريب مليون موظف حكومي على مهارات الذكاء الاصطناعي بحلول 2027، تسعى الإمارات إلى بناء اقتصاد معرفي قائم على الابتكار والكفاءة. رغم التحديات مثل نقص الخبرات والحاجة إلى تنظيم قانوني، فإن الشراكات الاستراتيجية مع شركات مثل مايكروسوفت والاستثمار في البحث والتطوير يعززان فرص النجاح. في السياق العربي، تُعد المبادرة نموذجًا ملهمًا للدول الأخرى للاستثمار في الشباب والتكنولوجيا. على المجتمع العربي متابعة هذه التجربة والاستفادة منها لبناء مستقبل رقمي مستدام.


الأسئلة الشائعة

1. ما هي مبادرة “مليون موهبة في الذكاء الاصطناعي”؟
مبادرة وطنية أطلقتها الإمارات بالتعاون مع مايكروسوفت لتدريب مليون موظف حكومي على مهارات الذكاء الاصطناعي بحلول 2027.

2. ما أهداف المبادرة؟
تأهيل الكوادر الوطنية، تعزيز الابتكار، وترسيخ مكانة الإمارات كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي.

3. كيف تُنفذ المبادرة؟
من خلال برامج تدريبية مع مايكروسوفت، ورش عمل، ومسارات مثل “رواد الذكاء الاصطناعي”، مع فعاليات مثل أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي.

4. ما تأثير المبادرة على الاقتصاد؟
تُسهم في خلق فرص عمل، تنويع الاقتصاد، وزيادة الإنتاجية في القطاعات الحكومية والخاصة.

5. كيف يمكن للدول العربية الاستفادة من المبادرة؟
من خلال تقليد النموذج الإماراتي في تدريب الشباب وتطوير البنية التحتية الرقمية لتعزيز الاقتصاد المعرفي.